الآن .. وعندما نتحدث عن الحب .. هل يجب أن نبدأ بكلمة (( كان )) ؟؟؟
كان الحب إحساساً جميلاً
كان الحب طائراً أخضر
كان الحب حلماً ملوناً
كان الحب مفاجأة جميلة
كان الحب قدراً عظيماً
كان الحب عاطفة مشتعلة
كان الحب واحة أمان
كان الحب شاطئاً دافئاً
كان الحب إجتياحاً وإحتياجاً
هكذا كان الحب في زمانهم. فكيف أصبح الآن؟
وما هي ملامح الحب في زماننا هذا؟
فحكايتنا لا تشبه حكاياتهم
وأحلامنا لا تشبه أحلامهم
وطموحنا لا يشبه طموحهم
وأحزاننا لا تشبه أحزانهم
وذنوبنا لا تشبه ذنوبهم
فزمانهم كان زمن الحلم الجميل والإحساس النقي
وزماننا زمن الحرب والرعب والهزيمة بلا حدود
وقنابلهم لا تدمّر أوطاننا فقط
إنها تدمّر حتى الإحساس فينا
فالرعب .. والقلق .. والضعف .. والشعور بالإنعيبار
والصمت المقيت
كلها أحاسيس تتسرّب إلينا على غفلة منا
وتنشر سمومها في أحاسيسنا الجميلة
أصبحنا أبناء الخوف
وأصبح الخوف هو الإحساس الأقوى والأوضح لنا
فنحن نخاف أن نحبهم
ونخاف أن لا نصل إليهم بعد الحب
ونخاف أن نفقدهم بعد أن نصل
ونخاف من الفراق
ونخاف من الغدر
ونخاف من الضياع
ونخاف من الفراغ
ونخاف من لحظة نفقد فيها كل إحساس فينا .. حتى الخوف
كان الحب في زمانهم مفاجأة جميلة
قد تفاجئهم في كل لحظة من لحظات عمرهم
وقد يضحون بما تبقى من العمر من أجل تكرار هذه المفاجأة وهذا الإحساس
ولديهم قدرة خارقة على الوفاء لأحاسيسهم
ويتمسكون بأحلامهم كالطوق الأخير للنجاة
ومع الأيام، بدأت الأضواء المفاجأة تخفت وتنطفيء
فتحوّل الحب في زماننا إلى قرار مسبق
وتطفل الإختيار على مشاعرنا
فأصبحنا نحب بعد إختيار
ونحلم بعد قرار
وتغيّر الإختيار بتغيّر الظروف
ونتراجع عن القرار بتراجع الأسباب
هذه ليست نظرة متشائمة إلى الحب والعلاقات الإنسانية
لكنها واقع يحيط بنا ويلاحقنا كالظل
واقع أصبح من الصعب تجاهله
ومن الغباء إخفاؤه أو تجميله أو إخفاء عيوبه
لكن ...
هناك حالات إستثنائية
ومن الظلم إدراجها في دائرة الحب المسبب
فما زال هناك من يحب من أجل الحب فقط
وما زال هناك من يحلم بصدق ويصنع له في الحلم عالماً خاصاً به
وما زال هناك من يخلص لإحساسه وأحلامه
وما زال هناك من يؤلمه الفراق وينحت فيه الغياب
لكن؛ للأسف
هؤلاء أصبحوا قلة .. بل ندرة .. وربما إنقرضوا تقريباً
سؤال أخير:
أين ذهب الحب؟
هل مات؟
ومن قتل الحب؟ .. ولماذا؟ .. وكيف؟ .. وأين؟
أم أنه ما زال على قيد الحياة يختبئ في قلوب أولئك الأنقياء الذين ما زالوا يدركون القيمة الحقيقية للحب؟
يا أنت الذي أصبح أنا
أيها القادم من زمن الحب
حاملاً في يديك باقة ورد
وفي قلبك مدينة شامخة من الأحاسيس
تقف تحت نافذتي
تغني لي مواويل الشوق والعشق
ترسم لي عصافير الأمل
تُظللني ما لم يمنحه رجل لإمرأة فوق هذه الأرض
قل لي:
في مثل هذا الزمان .. من مثلك أنت؟
لا تسيئوا الظن في الحب
لا تفقدوا ثقتكم الجميلة به
نفقّدوا وجهه الحقيقي
إبحثوا عنه إن تأخر
إسألوا عنه إن غاب
حتماً ستجدونه .. فلا شيء يّبيد الحب